قناة الجزيرة

كيف أضاعت قناة الجزيرة الفرصة

بدأت الأزمة الخليجية واتخذت بعض الدول الخليجية ومصر ودول أخرى قراراً بمقاطعة دولة قطر بسبب سياسات الأخيرة في التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومحاولة إثارة الشعوب على الأنظمة وأيضاً دعمها لقوى قد تم تصنيفها بإنها إرهابية في المنطقة. وعلى غير العادة الخليجية، حصل تصعيد إعلامي غير مسبوق من الدول المقاطعة من جهة و قناة الجزيرة من الجهة الأخرى وتم استحضار أحداثاً قديمة قد ولت ونُبشت مواقفاً قد اندفنت وأُثيرت فتناً قد إنطفئت وفتحت صفحات تم إغلاقها.

شبكة قنوات الجزيرة الإعلامية افتتحت في نوفمبر لعام ١٩٩٦ ورؤيتها أن تكون القناة الإخبارية الأولى عربياً وإقليمياً. إفتتاح هذه القناة حقيقة يدل على أن القيادة القطرية استشرفت مستقبل التأثير فبادرت بها وتم دعمها دعماً سخياً بغية تحقيق رؤيتها المرسومة. وللأمانة، حققت قناة الجزيرة نجاحاً كبيراً في الوصول للشعوب العربية وهذا النجاح أيقض جهات ودول أخرى فبادروا باللحاق بفتح قنوات لمنافستها مثل قناة العربية. ونقلاً عن الأمير الوليد بن طلال، قال بأن الجزيرة هي قناة الشعوب والعربية هي قناة الحكام.

الأسلوب الذي مارسته الجزيرة هو أسلوب جديد في عصرنا الحديث وخطابها استطاع التلاعب بمشاعر الشعوب وهذا من أهم الأسباب التي جعلتها تكون قناة الشعوب وجعلتها تنجح في تمرير أجندات دولة قطر السياسية. خطابها تأرجح بين حبال الحرية والعدالة وضرورة المشاركة الشعبية في الحكومات وخطيئة حرمان الشعوب وفساد الرؤساء والحكام وكيف أن هذا لم يعد يُحتمل بعد عشرات السنين من طرد القوى الإستعمارية من الدول العربية. أيضاً، نهجت نهج بعض حكام العرب من من جعلوا القضية الفلسطينية شعاراً لهم يتلاعبون به ويدندنون حوله رغبة في كسب الشارع والجمهور الذي أصبح أكثر وعياً وإدراكاً بما يحدث. وأنا شخصياً أعتقد أن خطاب الجزيرة هذا هو خطابٌ ظاهرة الحق وباطنه الباطل محشوٌ بأجندات سياسية قطرية لتحقيق أهداف رسمتها منذ أكثر من عشرين سنة.

بدأت الأزمة الخليجية وبدأ التراشق الإعلامي بين الدول المقاطعة ووسائل الإعلام القطرية وخصوصاً الجزيرة والربكة السياسية القطرية جعلتها تظهر بصفاقة إصطفافها مع المحور الإيراني في المنطقة. ظهر هذا جلياً بعودة السفير القطري لطهران وتبني قناة الجزيرة خطاب حزب الله والأسوأ من ذلك هي أنها بدأت تهاجم وتنتقد عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن. أعتقد أن هذا أكبر خطأ إرتكبوه لإن عداء إيران أمرٌ مجمعٌ عليه عربياً وإسلامياً وهذا أدى إلى تغيير صورة قناة الجزيرة إلى الأسوأ عند أغلب الشعوب العربية للأبد.

دعونا نتخيل للحظات هذا السيناريو، تخيلوا لو ان قناة الجزيرة بدل إصطفافها مع الإيرانيين بشكل جلي، بقيت على ماهي عليه في كل قضايا المنطقة ومن ضمنها عاصفة الحزم. وتخيلوا أنها بدل أن ترد على مهاجميها بالإساءه لهم، أعلنت أنها تنأى بنفسها عن الرد بشكل مسيء للحكام والدول والشعوب!. تخيلوا أنها بدل أن تنشغل بإعداد التقارير لتلميع المحور الإيراني ورموزه كحسن نصرالله وعبدالملك الحوثي، قامت بإعداد التقارير التي تلمع المواطن العربي والمسلم ودوره التاريخي في نصرة الأمة.

لو فعلت الجزيرة ذلك فستكون أعظم فكرة شيطانية وأكثرها عبقرية وحكمة في العصر الحديث وستستطيع كسب الشعوب العربية بشكل كبير جداً وستعزز مكانتها بطريقة غير مسبوقة وستُوقع خصومها في حرجٍ كبير.

ولكن، سقط القناع وظهرت الحقيقة وهكذا أضاعت قناة الجزيرة الفرصة.

‎أضف رد:

‎بريدك الإلكتروني لن يظهر لأحد

‎مؤخرة الموقع

‎القائمة الجانبية المتحركة

من أنا

من أنا

عبدالله السعدي متخصص بالتقنية واستثماراتها وريادة الأعمال مهتم بالتجارة الذكية والتسويق والإقتصاد الجديد. يخصص بعض الوقت للتطوع لخدمة المجتمع والاعلام . كاتب في صحيفة سبق.

تغريدات