عبدالله السعدي – مقال نشر في صحيفة سبق
شهدنا في السنوات الأخيرة ظهور كثير من المشاريع التي أنشأها ويقوم عليها عليها شباب سعوديين طموحين كرسوا أوقاتهم وخاطروا بأموالهم لإنشاء مشاريعهم وتحقيق نجاحات تجارية وهذا بلا شك أمرٌ إيجابي جداً على كل المستويات. ظهور تلك المشاريع بهذا الكيف والكم أمرٌ طارئ في بلدنا بخلاف ماكان في السابق حيث كان المعتاد أن تكون الوجهة الاولى والوحيدة للشباب للإنطلاق في حياتهم العملية هي الوظيفة والوظيفة الحكومية تحديداً.
في تصوري الشخصي، هناك عدة أسباب أدت إلى هذا التطور منها التقدم العلمي ممثلاً بتطور الجامعات والإبتعاث، وتحسن إقتصاد البلد بشكل كبير وأيضاً (وهو الأهم بنظري) ظهور أعمال ونماذج اعمال يمكن من خلالها تحقيق نجاحات كبيرة برؤوس أموال محدودة نسبياً. على سبيل المثال، سيارات الأطعمة (الفود ترك) تعتبر نموذج مبتكر تكلفته معقولة وعوائده (في هذه الفترة) مجزية إلى حد كبير. أيضاً التطبيقات حيث اصبح الشباب قادرين على برمجة وإطلاق تطبيقات بميزانيات منخفضة لها فرص نمو عالية جداً وهناك عدة أمثلة ليس هذا مقامٌ للحديث عنها.
مع ذلك التطور، هناك أمرٌ طرأ وأنتشر مؤخراً بين الشباب أصحاب الأعمال وهو التسويق لمنتجاتهم وخدماتهم بطريقة غير مسبوقة ومعهودة. هذه الطريقة تتركز على تسويق المنتجات أو الخدمات للعملاء بكونها يقوم عليها شباب سعوديين حيث أنهم يعتبرون أن هذا الأمر هو الميزة التنافسية الأقوى لإقناع العملاء بالشراء. الخدعة السيكولوجية لهذه الطريقة هي استجلاب عاطفة العملاء السعوديين ليكون قرار شرائهم مبني على مبدأ قد يكون في مترسخ في أذهان كثير منهم وهو دعم الشاب السعودي. حتى على الرغم من أني لا أحب هذه الطريقة وأرى أنها خاطئة في بناء العلامات التجارية، إلا انني لا أستطيع أن أنكر أن هذه الطريقة قد تحقق نجاحات ومبيعات (مؤقته) لأصحاب الأعمال الذين اعتمدوا عليها.
شخصياً، لم أرى هذه الطريقة في التسويق في الدول الـ ١٥ التي زرتها ومكثت فيها لأشهر وسنوات وهذا بلاشك يدعونا للتساؤل لماذا في السعودية فقط؟. الموضوع بإعتقادي له سياق اقتصادي وتاريخي بسبب سيطرة الوافدين “الغير سعوديين” على معظم الأعمال والأنشطة التجارية في المملكة منذ نشأتها إلى درجة أنك لا تكاد ترى “السعودي” في المشهد التجاري إطلاقاً. هذا الأمر ولّد صورةً ذهنية عند الشعب ضد هؤلاء الوافدين وسبب حنقاً عليهم بسبب سيطرتهم على الأسواق طيلة تلك السنوات مما أدى إلى الرغبة في تغيير هذا الأمر ورؤية خلاف ذلك. وبطبيعة الحال خرج هذا الأسلوب التسويقي الذي يحمل النكهة السعودية بين أوساط الشباب لإستغلال هذه الحقيقة الإجتماعية لتحقيق أكبر قدر من المبيعات والنجاحات في أعمالهم.
دعوني أُبين لكم لماذا أنا شخصياً لا أحب هذه الطريقة في التسويق ولماذا أرى أنها خاطئة تماماً. أولاً، بإعتقادي ان هذه الطريقة نبعت من شعور ذاتي بالنقص لدى الشباب السعودي فيما يتعلق بالأعمال التجارية للأسباب المذكورة آنفاً وهذا يجب تصحيحه. ثانياً، هذه الطريقة ليس لها أساس في علم التسويق الذي يركز على بناء العلامة التجارية من خلال إبرازها بطريقة ترتبط ذهنياً بالميزات التنافسية للمنتج أو الخدمة. فكونك تسوق لمنتجك أو خدمتك على أنك “سعودي” فأنت تمحور علامتك التجارية على هذا الأساس وليس على أساس الميزات التنافسية الحقيقية فبتالي تقوم بتدميرها وتشويهها. المحصلة التي سيجنيها من يتبع التسويق ذو النكهة السعودية هي عدم القدرة على الإحتفاظ بعملاءه لسبب بسيط وهو ان قرار شرائهم كان مبني على شعور عاطفي مؤقت لإنك “سعودي”.